رواية خاطفي الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم شهد حسوب
رواية خاطفي الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم شهد حسوب |
رواية خاطفي الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم شهد حسوب
"هل فارقت الحياة"
سيدات كثيرة من الأحجام الثقيلة تلتف حول تلك المسكينة يبرحونها ضرباً دون رحمة أو شفقة عليها ، كانت تصدر صرخات آلمة عالية من كثرة الضرب ، فجسدها الضعيف لم يعد يتحمل ، فيكفي عليها أثقالها النفسية .
أخذ صوتها الصارخ يضعف شيئاً فشئ تطلب الرحمة ولكن لا حياء لمن تنادي ، بدأ يضعف ، يضعف ، يضعف ، حتي تحول لأنين خافت متألم ، حتي انقطع الصوت والحركة ، وأيضاً المقاومة انعدمت ، هل فارقت الحياة ؟
أم هناك بصيص من الامل !
السيدات يبرحنها ضرباً دون رحمة لعلها تكون عبرة لباقي الفتيات اللاتي يرونها من نوافذنهن ، منهن من ينظر إليها بتشفّي وأخري بضحكات ساخرة ، وهذه بحقد فكم كانت تكرهها وتتمني لها الشر ، وأخري بخوف فيبدو أنها أشارة من رب العباد ، وتلك التي تدعو الله بأن يبعث ملائكته لتخفف عنها الالم ، فاللهم أكْثر من القلوب الرحِمة .
بينما أسماعيل فينظر إليها بتشفي ، كان يتمني بداخله بأن يأخذ منها ما يشتهيه منذ أن رأها للمرة الأولي حينما كانت بتلك الضفيرتين المنتهيتين بشريط باللون الاحمر الطفولي ، لكن للقدر رأي أخري ، بأن يتم فضحها قبل أن يأخذ منها ما يريد ، لا بأس ، فبعدما الطير يسقط جريح سوف يبحث عن أي مأوي ليختبئ به -حتي وأن كان بيت الثعلب- هكذا فكر ذلك الأحمق .
بينما رجال الحارة أخذوا يسبونها بأبشع الألفاظ ، ومنهم من يأكد أنه رأي هؤلاء الرجال يخروج من المبني ، واخر يؤكد علي حديثه بكذب ، واخر يؤلف قصة أخري عليها ليلفت انتباه الجميع حوله ،
قاطع ذلك الضجيج المزعج في ساحة الحارة صوت أبواق السيارات الفخمة الكثيرة التي تتسم بسواد للون ، تدلف إلي الحارة مسبب غبار كثيف أثر احتكاكها بأرضية الحارة المتربة .
حل الصمت علي الجميع وابتعدوا متخذين جنباً مفسحين المجال لرؤية تلك المسكينة تنزف الدماء من جميع أجزاء جسدها الممزق ، صرخة حارقة صغيرة خرجت من فم تلك الطفلة -ندي- التي خرجت سريعاً من داخل الدولاب الذي كانت تختبئ به خوفاً من تلك الوحوش البشرية ما أن سمعت صوت أبواق السيارات كما أخبرها منقذها .
ركضت إلي شقيقتها بسرعة البرق مندفعة بقوة محتضنتاً إياها تحاول إفاقتها بصراخ حاد مما ثار شفقة البعض -من لديهم قلوب بشرية رحيمة-
ترجل محمد من سيارته بشموخه المعتاد ومن حوله حراسته خالعاً جاكيت بدلته والقاه إلي أحد حراسه -الذي وضعه في السيارة باحترام-
ليظهر لرؤيتهم سلاحه الاسود بوضوح في ظهر بنطاله -وكأنه رسالة-
عاد أكثرهم إلي الخلف بخوف أكثرهم النساء حينما تقدم الاخر ، فهتف اسماعيل وهو يبتلع لعابه بخوف محاولاً عدم اظهاره من ذلك الثري الغريب ،
فهتف بنبرة لا بأس بها فقد نجح في إخفاء الكثير من خوفه
- اهوه جية ولد الاكابر اللي الفاجرة باعتله شرفها يا رجالة
_________________★ "سبحان الله وبحمده"
دلف الادهم إلي الغرفة وجدها تجفف شعرها من قطرات المياة بمنشفة صغيرة ، فوضع الكوب جانباً ونظر إليها في المرآة من الخلف هاتفاً بعاطفية بانت جلياً في حروف كلماته
- كل يوم بتحلوي عن اليوم اللي قبله يا رغدة
اتكتفت الأخيرة بالنظر إليه عبر المرآة دون التفوه بكلمة .
هتف الادهم بحزن بان في كلماته
- انا عارف انك انتي متأكدة اني ماقتلتش باباكي ولا عمري فكرت في كدا .. واكبر دليل اني انقذتك من ايد عادل نصار واسر بجوازي منك يا رغدة
ثم مسك يدها مقبلاً إياها بحب هاتفاً بثقة
- بس اوعدك اني افضل وري الموضوع حد لما اتأكد إذا كان فعلا موت حمايا مدبر ولا قضاء ربنا
ففرت دمعت هاربة بألم من عينيها مسحها الادهم هاتفاً
- اوعدك اني ارجعله حقه حتي لو كان من والدي واخويا .. ثقي فيا يا رغدة
نظرت إليه الأخيرة بدموع أكثر هاتفة
- ممكن كفايا دم .. من غير دم يا أدهم .. حق بابا يرجع بس من غير دم .. سيب الشرطة هيا اللي ترجع حق بابا بالقانون والقصاص .. عشان خاطر ربنا
قبْل الاخير جبينها بحنان هاتفاً
- اوعدك .. يلا بقا عشان تشربي الاعشاب قبل ماتبرد
فاومأت له الأخيرة وهي تلتقط المج ترتشف منه بعض القطرات هاتفة بضجر
- اي دا يا أدهم طعمه وحش اوي
هتف الادهم وهو يضع المج علي فمها لترتشف منه مرة أخري
- وحش اي بس يا حبيبتي دا خلطة من الاعشاب كانت بتعملهالي ماما زمان علي طول لما كنت بتعب
فنظرت إليه الأخيرة بنظرات حانية فكم تحب الذكريات
- بجد .. انتا ماحكيتليش عن والدتك قبل كدا يا أدهم .. هيا فين صحيح
اختفت ابتسامته هاتفاً بحزن
- الله يرحمها
هتفت الأخيرة بحزن
- الله يرحمها .. آسفة لو فكرتك يا أدهم
تبسم الاخير بسخرية
- ومن امتي وانا بنسي
هتفت رغدة باستغراب
- قصدك اي
- انسي .. يلا اشربي المج دا كله عقبال ما اخد شاور عشان نصلي جماعة انا وانتي
- أدهم ..
فقاطعها الاخير منهياً الحوار
- رغدة انتهينا
ثم تركها في حيرت فضولها ودلف إلي المرحاض .
__________________★ " سبحان الله العظيم "
- اهوه جية ولد الاكابر اللي الفاجرة باعتله شرفها يا رجالة
فنظر إليه محمد قاضباً ما بين حاجبيه هاتفاً بسخرية
- مين البطة اللي بتتكلم ؟
هتف الاخير بغضب من سخريته الفظة
- احترم نفسكككك .. انتا بتكلم المعلم اسماعيل
أشار محمد إلي أحد رجالته بأن يحمل تلك الغارقة في دمائها ويضعها بداخل سيارته الخاصة ، ثم اقترب من إسماعيل وهو يحك بسبابته بجانب فمه ثم وضع يده علي كتفه مما ثار استفزازه أكثر علاوة علي خوفه منه أيضاً
- اللاه قولي يا لوله .. مين المتوحش اللي عمل في بنت فتحيه كدا
إحمر وجه الاخير من الغضب هاتفاً
- احترم نفسكككك ياجدعععع انتاااا
فوضع الاول يده علي عنقه مخنقاً إياها بينما الاخير يحاول افلات قبضته الحديدية وهو يسعل بشدة
- شكلك لسا ماتعرفش مين محمد الطوخي .. بسيطة
ثم أبعده بعنف صارخاً في أحد رجالته
- خدوووه علي صندوق العربية
فتقدم منه بعض الحراس وفي يديهم حبال ولاصق مكبلين إياه تحت صراخه واستنجاده برجالته ولكن هيهات ، فبيدوا أنهم نسوانه وليس رجاله .
وقف محمد في منتصف الساحة هاتفاً بعلو صوته بغضب
- اي وسخ أو وسخة قال كلمة في حق البنت اليتيمة الغلبانة دي هيتعاقب .. وهيتعاقب أشد عقوبة كمان .. وكلكم واحد و واحدة راح تشرفوا في اوسخها زنزانه .. بس تفوق ورحمة ابويا ما راح ارحم كلب فيكم
ارتجفت أجساد النساء ، فهم لم يقذفوها بالحديث فقط بل و اعتدوا عليها ، لا يعلمن أن كانت فارقة الحياة أم مازالت تستنشق بعض العبرات ، فكلهن يدعين الله أن تمر الامور علي خير ، فهذا الشاب يبدو أنه واصل ويستطيع تنفيذ تهديده ، علاوة علي ذلك كاميرات المراقبة التي رصدت كل شئ ، يا إلهي !
تركهن محمد بابتسامة ساخرة علي ثغرة ، فكم هو مجتمع جبان يهاب فقط من يمتلك أموال لا يعلمون أنهم - إذا كانوا حقاً علي حق - اجتمعوا واعتصموا لانتصروا علي محمد وحراسته وهزموهم أشد هزيمة - أليس الكثرة تغلب الشجاعة ! -
استقل محمد سيارته سريعاً متجهاً بها الي اقرب مشفي كي يعالج بها تلك المراهقة المسكينة ، يبدوا أنها تصارع الموت علي البقاء ، بينما الباقون - من الحرس - ذهبوا حيث تعليمات كبيرهم .
دلف محمد إلي المشفي حاملاً إياها علي يديه هاتفاً بقلق
- دكتورة بسرعة
فأتت إليه أحدي الممرضات بسرير متحرك وضعها عليه ثم سحبتها سريعاً إلي غرفة الطوارئ ،
مر وقت ليس بقليل بينما ينتظرها محمد في الخارج بصحبة تلك الطفلة الباكية بازعاج ، زفر محمد بضيق ثم نظر إليها بضجر هاتفاً
- بطلى عياط بقا .. خوتي دماغ اللي خلفوني
لم ترد عليه بل إزداد نحيبها أكثر ، هتف محمد بضيق
- يووووووووة .. دا انتي عيلة زنانة
اردفت الصغيرة من بين شهقاتها المتقطعة
- انا خائفة اوي علي أروي اختيييييي .. انا ما ليش غيرهاااااااااااااععععععع
فرد محمد بسخرية من حديثها
- طالما انتي خائفة عليها اوي كدا .. ما طلعتيش تدافعي عنها ليه
نظرت إليه الأخيرة بأعين دامعة ثم هتفت بحرقة وألم
- اروي اللي أكبر مني ماقدرتش عليهم ! .. راح اقدر عليهم أنا يا أبية ؟ .. انا والله عملت اللي اقدر عليه .. وانقذتها منهم برضو واتصلت بالست هانم كتير اوي من لما جيه عندنا المعلم اسماعيل بس هيا مش بترد عليا ..
ثم صمتت قليلاً قبل أن تهتف بصوت باكي ثار شقفته عليها من كثرة شهقاتها
- انا لو كنت طلعت يا أبية كانوا راح يضربوني معاها ويموتوني وماكنتش راح اعرف اتصل بالست هانم عشان تنجدنا .. احنا مالناش ضهر يحمينا يا ابية
جثي محمد علي ركبته بحزن علي تلك المسكينة ، فحقاً احسنت صنعاً ، احتضنها بحنان اخوي صادق لم تذقته من قبل سوي شقيقته رغدة ، يملس علي شعرها بحنان هاتفاً
- ماتقلقيش .. المسخرة اللي حصلت دي مستحيل تتكرر مرة تانية
فأردفت الأخري بسرعة وبكاء مرير
- النبي يا أبية .. خليك واقف معانا .. احنا بنات مالناش راجل يحمينا زي باقي البنات جيراننا في الحارة .. والكل عمال يستضعفنا ويجي علينا
فضمها محمد إليه مرة أخري هاتفاً وهو يفكر في أمرٍ ما
- ماتخافيش .. مافيش حد راح يستضعفكم من هنا ورايح
ثم كفف دموعها هاتفاً ببعض المرح والمواساة
- اي رأيك نبقا صحاب
نظرت الأخيرة إلي يده الممتدة هاتفة بقلق
- ماما زمان زعقتلي وضربتني وقالتلي ماتصاحبيش صبيان ولا تلعبي معاهم
ابتسم محمد علي برائتها ثم ضمها مرة أخري هاتفاً
- طب خلاص خلينا اخوات مش انتي نفسك في اخ يكون في ضهركم
همهمت الأخيرة بفرحة
- ايوا
- يبقا انا اخوكي من النهاردة .. اي حاجة عاوزاة ولا اي حد اتعرضلكم تقوليلي علي طول
- بجد يا أبية
- بجد .. هاه قولتيلي اسمك اي بقا
اردفت الأخيرة بفرحة
- ندي
- اشطا يا ندوش .. يلا بينا بقا ننزل نتوضي ونصلي الضهر في الجامع اللي في المستشفى وندعي لأختك تقوم بالسلامة
هتفت الأخيرة بفرحة وهي تسير بجانبه
- يلا
- بتعرفي تصلي !
- اكيد طبعا يا أبية انا بصلي دائما جماعه مع أروي من لما كنت في تانية في ابتدائي
- ياااه ماشاء الله .. وانتي في سنه كام دلوقتي
- رايحة أولي اعدادي
- عاوزك تطلعي من الاوائل
- حااضر بس الرياضيات صعبة عليا اوي
- بس كدا .. اذاكرهالك انا .. بس الكورس بخميسن جنية اتفقنا
قهقه صغيرة خرجت من ثغرهما ، وهكذا استرسلها محمد في الحديث كي يخفف عنها رهبتها وخوفها حتي وصلا إلي المسجد وءأم بها صلاة الظهر ، داعين الله في كل سجدة بشفاء أوري ومرور الامور علي خير .
______________★ "سبحان الله وبحمده"
انتهي محمد من صلاة الظهر بصحبة تلك الصغيرة ، فعاد مرة إلي حيث الطابق التي تمكث به غرفة تلك المريضة ، لكنه توقف لوهله بصدمة حينما رأي الطبيبة تخرج من الغرفة بضجر ، ما أن رأته حتي تصنمت مكانها بصدمة الأخيرة !
تعليقات
إرسال تعليق