رواية أنين مكة الحلقة الثالثة 3 بقلم شيماء سعيد
رواية أنين مكة الحلقة الثالثة 3 بقلم شيماء سعيد |
رواية أنين مكة الحلقة الثالثة 3 بقلم شيماء سعيد
فانفجرت مكة فى البكاء قائلة بصوت منبوح.....أنتِ مش فهمانى يا عنان ، فلوس إيه بس ؟
دى أنا كده ببيع نفسى .
عنان ....طيب والحل ؟
مكة بغصة مريرة.......الحل من عند ربنا بقه ، مليش غيره، وزى متيجى ، وأنا راضيه بلى قسمهولى .
عنان...........ونعم بالله العلى العظيم ، والله يا بت يا مكة .
أنتِ ربنا هيكرمك أخر كرم عشان صابره وبترضى بالمكتوب .
مكة بإبتسامة رضا......أنا عندى حسن ظن بالله ، وربنا يعجل بالفرج .
ويلا لما ندخل نغير هدومنا ونستعد نروح ، نبطتشيتنا خلصت .
عنان.........ايوه _ يلا بينا .
بس هنروح على طول ولا برده لازم تشوفى منظر الغروب وتسلمى على البحر ، مش عارفه بتستفادى إيه ؟
مكة بإبتسامة .........منظر الغروب والبحر بحس بيغسلنى من جوه وبيدنى طاقة وبرتاح نفسيا .
وأصبح أساسى عندى كل يوم .
عنان........هو البحر مفهوش كلام ، بس الجو برد يا اختى وشكلها بترخ بره .
والبحر فى الشتا بيكون هايج وممكن هوب تتطرش علينا موجة تظبطنا .
مكة بفرحة.........هييييه ،حلو اوى .
مفيش أحلى من كده .
عنان بسخرية........والله شكلك لسعتى ، ومش هترتاحى ، لما تاخدى دور برد تمام .
بس امرى لله ، يلا بينا ، لما نشوف أخرتها معاكِ.
........
وعند البحر وقفت مكة وعنان تشاهدان غروب الشمس وتنفست مكة عبير البحر ثم تمتمت بكلمات وكأنها تحدثه ""
يــا بحرُ خفّفْ مِـــــنْ هياجكَ واسمـــعِ
مِنّــي حديثــــــا ً لمْ يمُـــــرّ بمسمعِ
يــــا بحْرُ قالـــــوا أنَّ صــــدركَ واسع ٌ
فلذا أتيتُ وكـــلُّ أوجاعـــي معـــي
من غيــــــرِ أمتعــــــة ٍ قدمتُ إلــى هنا
عريان َ إلّا مِــــــنْ رداءِ توجّعـــى
صافحـتُ موجــكَ كالضحى بوضوحهِ
لمْ أُخْف ِ وجهــــــي عنكَ أو أتقنّـعِ
ضاقـــــتْ بيَ الدنيــا فما مَنْ مرفئ ٍ
يأوي جراحــــاتي ولا مِنْ موضع .
عنان برجاء وهى تضم يديها إلى صدرها .......يلا بينا يا حبيبتى .
أقربت أتجمد والميه هتغرقنا .
مكة.......عشان خاطرك بس ماشى ، لو عليه مش عايزه أمشى.
عنان .......معلش يا قلبى يا حنين أنت .
وبينما هما على أحد الأرصفة ينتظرون وسيلة مواصلات تنقلهم إلى منزلهم .
إذ بسيارة مسرعة تعبر من أمامهم فتسببت فى تناثر مياه الشتاء التى تجمعت على الأرض على ملابسهم فابتلت وشعروا بالبرودة تتسرب إلى أجسادهم .
فغضبت عنان وارتفع صوتها بالسباب والشتائم ، مشيرة بيديها نحو السيارة.
وقد كانت سيارة ركان ورأى من مرآة سيارته وهو منطلق الفتاتان أحدهما بوجه غاضب وتشير بإشارة تدل على النفور والغضب وعلى شفتيها كلمات لم يسمعها ولكنه قرء حركة الشفايف بإجادة وعلم ما تفوهت به .
كما لاحظ السكون على وجه الفتاة الأخرى متمتمة بكلمات يظن إنها تقول ""
خلاص بقه يا عنان ، اكيد مش قاصد يعنى ، وهى الدنيا غرقانة من الشتا فغصب عنه .
حصل خير يا ستى ،متبقيش أفوشه كده ، فوكيها بقه .
وأدينا مروحين خلاص .
عنان........لا منه لله ، إلهى ينطس فى نظره البعيد .
تعجب ركان من تناقض فعل الفتاتان ، فوجد نفسه يعود إدراجه بالسياره إليهم مرة أخرى ، ليراهم عن قرب .
ركان بغضب.........والله لوريها مقامها اللى بتشتم دى ، واعرفها أنا مين بالظبط .
بس غريبة البنت اللى معاها ، على نقيضها تماما فى رد الفعل حتى واللبس كمان .
شهقت عنان عندما وجدته يتراجع بالسيارة ليقف أمامهم بطالته الخاطفة الأنفاس .
عنان مرتعدة بخوف .......هو شكله سامعنى ولا إيه ؟
ثم تابعت بقولها ""
بس وماله ما يسمعنى ، أنا هخاف منه ولا إيه ؟
مكة بتوتر.......عجبك كده ، يا ام لسان عايز يتقص ؟
عنان بثقة.....سبيك أنتِ ، أنا بعون الله ، هوقفه عند حده لو قال كلمة كده ولا كده .
مكة بسخرية....مهو باين عليكِ اوى ، امال وقفة ترتعشى كده ليه ؟
ترجل ركان من سيارته وعينه تنذر بالشر ، فنظر لـ عنان بحدة ارعبتها ، فتمسكت فى ذراع مكة من الخوف .
ثم نظر ركان إلى مكة متفحصا لها من اعلى رأسها حتى مخمص قدميها ، فاصابها التوتر وأحمر وجهها خجلا ثم أشاحت بوجهها عنه .
ركان مندهشا ........غريبة البنت دى !
رغم إنها مش جميلة اوى ، بس فيها حاجة جذابة كده فى ملامحها ، وكمان وشها أحمر لما بصتلها ، هو لسه فيه بنات من النوعية دى ، أنا كنت بعتقد إن النوعية دى إنقرضت خلاص .
دلوقتى البنت تبصلها تقول ( بتبصلى ليه يا مز المزاميز ؟ عجباك صح ؟ أنا عارفه نفسى قمر ) .
ثم عاد ركان بنظره إلى عنان وبصوت عالى أفزعها.......سمعينى كده كنتِ بتقولى إيه عليه ؟
عنان بأوصال مرتعدة ....أنا يا باشا ؟ هو أنا أعرفك عشان أكلم عليك ؟
ركان ....اووى اووى ، أعرفك بنفسى ، عشان تعرفى حجمك كويس .
أنا النقيب ركان مجدى الزيات .
فضربت عنان على صدرها بخوف........ظابط يا مصيبتى .
السماح يا باشا ، العتب على النظر .
ركان بتهديد ........لا لازم تتربى الأول ، عشان تتعلمى إزاى تتكلمى مع اسيادك .
وهنا نظرت له مكة بحدة لم يتوقعها بعد أن كانت تتحاشى النظر إليه .
مكة بعين ثابتة لا تتحرك ......يا حضرت رغم مكانتك اللى إحنا مقدرنها طبعا ، بس معلش مفيش سيد علينا غير ربنا سبحانه وتعالى .
غير كده كلنا بشر بنخطىء ونصيب ، والفرق الحقيقى بينا مش فى المناصب الفانية دى ، لكن الفرق فى التقوى.
كما قال الرسول صل الله عليه وسلم.
لا فرق بين عربى واعجمى إلا بالتقوى .
صُدم ركان من كلماتها وثقتها من نفسها وعدم خوفها من رتبته كما يفعل الكثير او حتى الإعجاب به ومحاولة التقرب منه كما تفعل كثير من الفتيات .
ولكن هى على النقيض تماما .
فتسائل ؟ لما هى هكذا وما وراء تلك الثقة ، رغم هيئتها التى تدل إنها من فئة بسيطة .
فيا ترى ما هو السر ؟
ركان محدث نفسه ......مالك واقف قصادها كده مبتنقطش ؟ رد عليها .
معقول بنت زى دى ، تخليك كده ،لا مش ركان ابدا .
فضيق ركان عينيه وزفر بضيق ونظر لها بتوعد قائلا.........حضرتك بتقوليلى أنا الكلام ده ؟
وفاكرة نفسك واعظة وحكم على الناس ، لا فوقى لنفسك واعرفى مكانك .
أنا بإشارة منى ، ممكن أبيتك الليلة فى التخشيبة .
ثم أشار على قدميه قائلا بإهانة لها """
أو على الأقل أفعصك برجلى دى .
مكة بقلب كله إيمان بقدرة الله ....وتفتكر بعد متعمل كده هيسيبك ؟
ركان وقد برزت عروقه من الغضب ...هو مين ده اللى مش هيسبنى أو حتى يلمسنى ، شكلك فعلا مش مقدرة أنا مين ؟ أو ابن مين ؟
مكة بكل ذرة من كيانها أردفت .....الله .
تفوهت بها بإحساس جارف ، وكأن الله سمعها من فوق سبع سموات فاهتزت لها السماء .
وسُمع لصوت الرعد صوت دب الذعر فى قلب الجميع .
سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وينزل الصواعق فيصيب بها من يشاء ويصرفه عمن يشاء )
اهتز قلب ركان حتى إنه تراجع بعض الشىء ليستند على سيارته .
فهذه أول مرة يستشعر إسم الله فى قلبه ، فهو بعيد كل البعد عن الله ، لا يعلم له طريق .
فنعم إنه مسلم ولكن لا يعلم عن إسلامه سوى الشهادتين فقط ، فهو لا يصلى ، لا يصوم ، يصاحب الفتيات ويقع فى الرذيلة معهم .
هذا غير أخلاقه السيئة كالغضب والتكبر وإهانة كل من يتعرض له .
فحدث نفسه ركان..... إيه مالك مش على بعضك ؟
لا إثبت كده كويس ، دى وحدة ولا راحت ولا جت وتلاقيها حفظلها درس وبتجربه فيك ، مفروض أنت قوى ومش بيأثر فيك حاجة .
فأثبت ورد عليها ، إياك تضعف .
فاعتدل ركان وثبت واقفا وتجهمت ملامحه ولكن صوته تحشرج بعض الشىء ، فهمهم .....أنتِ بتقولى إيه يا أنسه ، فكرانى تلميذ فى حصة دين ؟
على العموم ، أنا مش هضيع وقتى مع أشكال زيكم ، وهسبكم بس عشان مش فاضى ناو .
لكن لو كان وقت غير كده ، كنت عرفت إزاى أعرفكم مين ركان الزيات .
فتمتمت عنان ...الحمد لله إنك مش فاضى ، زوق عجلك يا اخويا ألا وقعت قلبى .
ركان بصوت غاضب...بتقولى إيه يا زباله أنتِ ؟
إرتجفت عنان قائلة...لا مبقولش ، بقول طريق السلامة يا باشا .
ولكن مكة تقدمت لتقف أمامه قائلة بكل ثقة ....
الزباله دى بتتقال على الشىء القذر سواء كان مخلفات أو ألفاظ بذيئة ، لكن الإنسان ربنا كرمه فى قوله تعالى ( ۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) .
اتسعت عين ركان من الإندهاش بقوة تلك الفتاة رغم ضعف جسمانها ولم يجد ما يقوله لها ، ففضل الإنسحاب حتى لا تشعر بضعفه وهو من هو ؟
فتركها واستقل سيارته ثم أنطلق بها هائم على وجهه
مرددا على مسامعه ما قالت .
وحاول أن يتجاهل صوتها الذى يرن فى أذنيه .
ولكنه لم يستطع .
حتى إنه وضع يده على أذنه كأنه يحاول صم أذنه عن كلماتها ولكن بلا فائدة .
...................
تخشبت عنان فى مكانها ، محدقة بعينيها بصديقتها مكة ، غير مصدقة إنها إستطاعت وقف هذا البركان عن إحراقهما .
مكة بتساؤل .......مالك وقفه كده زى الصنم ومبحلقالى ؟؟
مَتفوقى ، مشى خلاص ،متخفيش .
عنان بإندهاش ....أنا مش عارفه منين جتلك القدرة تكلمى معاه كده ؟
إذ كان أنا بيقولوا عليه بسبع ألسان ومعرفتش أرد عليه .
وأنتِ اللى بتكسفى من خيالك ، كنت وقفاله ولا هركليز ، أنتِ تحولتى كده إزاى ؟
مكة بضحك ....هركليز إيه بس ؟ ده أنا لو حد زقنى أقع وربنا.
كل الحكاية يا حبيبتى ، هو ثبات من ربنا سبحانه وتعالى ، حاجة كده جوايا بتطلع لما بشوف اى حد بيتعدى حدوده مع ربنا .
عنان بتصفير....بس براوة عليكِ يا بت يا مكة ، كان عامل زى الفار المبلول بس بيقاوح .
لغاية مهرب .
فضحكت مكة ....ألفاظك دى هتودينا فى داهية .
عنان........اضحكى اضحكى ، هو الواحد فى الدنيا دى بيملك إيه غير ضحكه حلوه كده من القلب .
مكة ......أنا معاكِ بنسى الدنيا يا صاحبتى بس للأسف .
ادينى رايحه للغلب من تانى ، والمعلم حنفى فى إنتظارى .
عنان......اه صحيح ، معلش يا حبيبتى يمكن اللى تخافى منه ميجيش أحسن منه .
بس لو الموضوع سلك كده ومشى كويس ،متنسيش أختك حبيبتك فى اللحمة.
مكة بضحك....صحيح زى مبيقولوا هم يبكى وهم يضحك .
يلا بينا وزى متيجى تيجى وكل اللى ربنا كتبه حلو .
............
وصلت مكة إلى الحارة ، فاستوقفها حمادة النمس فتوة الحارة.
حمادة بغمز ......الجميل عامل ايه ؟ مش ناوى يحن عليه بكلمة ولا بنظرة ؟
ولا لازم أغنيله زى عبد الحليم ، قولى حاجة اى حاجة ،قول بحبك ، قول كرهتك ، بس قولى اى حاجة يا حبيبى .
مكة بغضب......على فكرة عيب اوى اللى بتعمله ده مع بنت حتتك .
إزاى توقفنى كده وتسمعنى كلمتين ملهمش لزمة ؟؟
وقال إيه بيسموك راجل وفتوة الحتة وأنت بتتعرض لبنت حتتك .
اوعى كده من طريقى ، وإلا ولى خلق الخلق ، هخلى اللى ميشترى يتفرج عليك يا فتوة الحارة .
ارتسمت ملامح الغضب على وجه حمادة قائلا ......ما براحه عليه شوية يا مدمزال مش كده الكلام .
الكلام اخد وعطى ، وأنا معملتش غلط .
وأنتِ على العين والراس لا مؤاخذة .
وأنا طلبك فى الحلال ، يعنى مغلطتش ، فها إيه قولك بقه ؟
إرتبكت مكة وحاولت التفوه ولكن وجدت من يمسك تلابيب ملابس حمادة من الخلف بعنف قائلا بصوته الجهورى الغاضب .....أنت إيه موقفك مع خطيبتى يا عرة الرجاله مش فتوة الرجاله .
عشان أنت بس فتوه على العيال الصغيرة والناس الضعيفه .
فكلمنى يا حيلتها دلوقتى راجل لراجل وورينى الجدعنه .
انتفض حماده من صوت المعلم حنفى وصدم عند سماعه كلمة خطيبته ، فنظر لمكة بقهر وحزن ثم همس ....بجد الكلام ده يا مكة .
فدمعت عين مكة على حالها ما بين رجل فى عمر والدها وبين شاب وضع مكان عقله عضلاته فأصبح لا يفقه شىء ، ثم أسرعت من أمامهم راكضة للأعلى .
حنفى بتهكم...عجبك كده ؟
لازم تكسفها يعنى ؟
ثم تابع بثقة ..
ايوه خطيبتى وقرى فتحتى عليها النهارده ، ثم أشار إلى زوج والدتها ليأتى ، فأتى عباس .
حنفى.وهو ينظر لحمادة بتشفى ......مش يلا بينا يا عباس أهى عروستى جت .
فيلا نبل الشربات ونكيد الأعادى .
عباس وقد أبتسم من فرط سعادته من الخير الذى سيأتى من وراء تلك الزيجة .....اه طبعا يا معلم ، يلا بينا ، ده إحنا حصلتلنا البركة والله .
فدفع حنفى حماده حتى كاد أن يسقط أرضا ولكنه تمالك نفسه ثم ركض إلى منزله باكيا حتى لا يرى دموعه أحد وهو فتوة الحارة .
وصدق من قال ""
ومن الحب ما يجعل أقوى الرجال كالخرقة الباليه .
..........
صعدت مكة واختبئت فى أحضان والدتها باكية .
حكمت بغصة مريرة......يا عينى عليكِ يا بنتى ، ياريت كان بإيدى حاجه ، منك لله يا عباس .
مكة ببكاء.....أدعيلى بس يا أمى بالصبر والرضا .
حكمت....ربنا يصبر قلبك يا ضنايا ويقويكِ على اللى أنتِ فيه.
مكة....يارب يا أمى ، تصورى أنا دلوقتى كنت محتاجة بابا اوى ، يمكن لو كان لسه عايش ، مكناش
أتبهدلنا كده .
فدمعت عين حكمت قائلة...ايوه يا بنتى ، هو فيه زى ابوكِ الله يرحمه ، كانت الناس كلها بتشهد بأخلاقه ورجولته وكان هو كل حاجة فى حياتى .
مكة....كنتِ بتحبيه يا امى ؟
حكمت.....ياه كلمة بحبه دى متكفيش ، ده كان حب عمرى كله .
ومكنتش أتخيل أبدا إنى أجوز من بعده ، حتى رفضت عمك لما طلبنى للجواز ، مع إنى كنت متأكدة إنه بيحبنى .
ولولا البهدلة اللى اتبهدلتها بعد مصاحب البيت اخد الشقة ، أنا مكنتش أبدا أجوزت ، بس خوفت عليكِ من الناس وكلاب الشوارع .
فاضطريت أجوز اللى مايسمى عباس .
لم تتم حكمت كلماتها حتى ""'
سمعت صوت أقدام عباس والمعلم حنفى على الدرج .
كما تخلل لأذنهم صوت ضحكاتهم المستفزة فانقبض قلب مكة ثم أسرعت لغرفتها تنعى حالها .
ولج عباس والمعلم حنفى للداخل.
عباس لحكمت.........قومى فزى يا وليه .
خدى من المعلم حنفى الشربات ده وبليه .
وشوحى حتتين لحمه كده لزوم العشا .
وكمان بسم الله ماشاءالله جايب بتاع اسمه باكت شاى .
يعنى يدوبك تسخنى ماية وتحطى البتاع فيها يبقى شاى .
حاجة كده ألاجه وأنضف من التفل اللى بيعمله الواد حمامه بتاع القهوه .
حكمت بتنهيدة حزينة....امرك يا اخويا .
عباس ...طيب أسرعى يختى وخفى كده بدل ما أنتِ عاملة زى برميل الطرشى .
ونادى المحروسه بنتك ، عشان تقعد تكلم مع عريسها وتتفاهم معاه عقبال متخلصى ونقرا الفاتحة .
حكمت بنظرة غل له .....حاضر هناديها .
ولجت حكمت لإبنتها فوجدتها قد تلطخ وجهها بِسواد الكحل من عينيها بفعل الدموع .
حكمت بإبتسامة مصطنعة تخفى بها حزن قلبها ....يلا يا عروسة ، عريسك بره مستنيكِ ، وجايب معاه الخير كله .
يلا يا بنتى وأديكِ هتخلصى من الفقر والجوع وتعب الشغل .
فمعلش قومى عشان خاطر أمك حبيبتك ، أغسلى وشك واطلعيله ، عشان المخفى عباس ، ما يسمش بدنا فى الكلام .
نظرت مكة لوالدتها نظرة إستعطفاف لعلها تنهى تلك المأساة قبل أن تبدء ولكن والدتها تهربت من نظراتها وأسرعت للخارج قائلة....همى يا بنتى ، الله يسيئك .
فاعتدلت مكة واقفة ورفعت أكف الضراعه لله تناجيه ( يا كاشف الهم والبلوى ، فرج عن أمَتك الضعيفه ، فليس لى سواك ) .
وتوجهت المرحاض تغسل وجهها ثم نظرت للمرآه ، وتحسست بيديها وجهها قائلة.....هو أنا صحيح ملامحى عاديه ومش جميله اوى ، امال ليه المعلم ده مصمم يجوزنى وكمان حماده عينيه بتقول إنه بيحبنى ؟
يعنى ارضى بالمكتوب ، بدال مفيش فرص قدامى أحسن ؟
وهو الجمال كان مقياس لفرص لجواز أحسن ولا هو نصيب وقدر .
ثم جال أمامها صورة النقيب ركان ، فوجدت على ثغرها ابتسامة لا تعلم لها سبب .
ولكنها سرعان ما عاد وجهها للعبوس ، ثم تنهدت بمرارة واستعدت للولوج إلى عريسها المنتظر المعلم حنفى .
........................
توجه ركان لقسم المنتزة فى محاولة منه لإخراج فتاة الليل ( كرميلا ) صديقة ( دلال ) .
قابله من فى القسم بترحيب ووتعظيم فهو ابن اللواء مجدى الزيات ، هذا بجانب طالته التى تفرض على الجميع إحترامه ومهابته .
الرائد محمد بترحيب ....اهلا وسهلا نقيب ركان نورتنا بالزيارة والله .
ركان......تسلم يا محمد والله ، ده نورك وياريت متكسفنيش فى الطلب اللى هطلبه منك دلوقتى .
محمد ......أنت تؤمر يا ركان واحنا ننفذ .
ركان .....كلك ذوق يا حبيبى .
بقولك بس ، فيه بت جابوها النهاردة عندكم أداب اسمها كرميلا.
بت عيله كده لسه وأول مره تعملها .
وصراحه حد من أهلها أتوسطلى عشان سمعة العيلة وكده .
ووعدونى إنهم هيمسكوها عندهم ومش هيخرجوها أبدا عشان تتعلم الأدب .
فأنا يعنى طمعان فيك يا سيادة الرائد تقفل المحضر وتكتب إنها أتقبض عليها عن طريق الخطأ وتخليها تطلع معايا بهدوء .
اتسعت عين محمد بذهول محدثا نفسه....ركان بذات نفسه جى عشان يشفع لبنت زى دى .
وأداب كمان ، حاسس الأمر وراه حكاية ، بس مقدرش أرفضله طلب ، عشان مصلحتى النهاردة عنده ، بكره عندى .
فابتسم ابتسامة مصطنعة قائلا.....اوى اوى ، عشان خاطر عيونك يا باشا ،بس مشفهاش تانى هنا .
ركان .....لا متقلقش ، أول وأخر مرة .
محمد للعسكرى....هات البت كرميلا من الحجز .
العسكرى ...امرك يا باشا.
فأتى بها العسكرى ليراها ركان فيجدها فتاة فى عمر الزهور لا يتخطى عمرها سبعة عشر سنة.
ملامحها الأنثوية مازالت صغيرة ولكنها تحمل من الهم فى وجهها ما يقال إنها تعدت الستين عاما.
رق لها قلب ركان القاسى لأول مرة ، وتسائل ما دفع تلك الطفلة للسقوط فى بئر الهاوية مبكرا هكذا ؟
ركان.....أنتِ كرميلا ؟
كرميلا بحزن ...ايوه أنا يا باشا .
الرائد محمد بغضب.....حبى بوسى إيد سيادة الرقيب ركان .
عشان لولاه كنتِ زمانك بكره هتترحلى النيابة.
ويتعملك قضية أداب معتبرة ، بس هو عشان خاطره هطلعك منها معاه دلوقتى عشان أهلك بس الغلابة الطيبين دول .
اتسعت عين كرميلا قائلة بإندهاش ...أهلى ؟
ثم تابع محمد ...بس عارفة لو شوفت وشك هنا تانى هعمل فيكِ إيه ؟ مش هرحمك ومش هقبل أى حد يدخلك تانى .
فبكت كرميلا وبصوت منبوح من البكاء....خلاص يا باشا حرمت ، أخر نوبه والله .
ثم إنحنت بجذعها لتقبل يد ركان .
ركان وهو يسحب يديه ....خلاص ويلا قدامى عشان مش فاضى لأمثالك .
فذهبت معه إلى السيارة وجلست بجانبه ولكن بدئت أوصالها فى الإرتعاش .
ركان......إيه مالك متثبتى شوية ؟
كرميلا بصوت مهزوز......هو حضرتك عايز منى إيه ووخدنى على فين وليه طلعتنى ؟؟؟
ركان........هعوز منك إيه يعنى ؟ وطلعتك عشان خاطر دلال وهوديكِ عندها دلوقتى .
فصرخت كرميلا ....لا لا الله يكرمك يا باشا ،متودنيش عندها .
فتعجب ركان قائلا...ليه !
أنتم مش أصحاب ولولاها كنتِ زمانك مشرفه فى القسم .
فانهمرت كرمله فى البكاء ....؟؟؟
تعليقات
إرسال تعليق